التحقق من انتهاكات حقوق الانسان في مراكز التوقيف 

 

 

في حزيران 2023، وفي إطار مبادراتنا المستمرة لمناهضة التعذيب، تواصل المركز اللبناني لحقوق الإنسان مع كل من المديرية العامة للأمن العام اللبناني، المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، الجيش اللبناني والمديرية العامة لأمن الدولة لطلب منح الأذون اللازمة للأخصائيين والأخصائيات الاجتماعيين لدينا، لزيارة مراكز التوقيف في المديريات المشار إليها، والتواصل مع الموقوفين.  

خلال الأسابيع القليلة التالية، حصل المركز على الأذون المطلوبة من المديرية العامة للأمن العام اللبناني والمديرية العامة لأمن الدولة. فيما وللأسف الشديد، فإنّ كلّ من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني لم يمنحا الأذون المشار إليها حتى تاريخه. 

I-ملاحظات واستنتاجات  

عقب هذه الزيارات، وثقنا المعلومات التالية:  

حوادث التعذيب والمبلغ عنها في كل من مركزي التوقيف العائدين للمديرية العامة لأمن الدولة في تبنين وبنت جبيل 

 أفاد 6 من أصل 10 أفراد أنهم تعرضوا لتعذيب خلال فترة توقيفهم في مركزي تبنين وبنت جبيل ومن الجدير ذكره أن الأفراد نفسهم أفادوا أنه تمت معاملتهم بطريقة جيدة في مركز أمن الدولة في الرملة البيضاء.  

  • أعلن أحد الموقوفين الذي تعرّض إلى سوء معاملة شديدة خلال التحقيق معه في مركز تبنين، عن رغبته بعدم كشف هوية مرتكبي التعذيب  

  • أفاد موقوف آخر أن 13 فرداً بما فيهم مدنيين وعناصر من جهاز أمن الدولة في تبنين قاموا بتعذيبه.   

  • أفاد موقوف ثالث أنّه تعرّض لتعذيب نفسي وجسدي خلال فترة توقيفه التي استمرت شهرين في تبنين.  

 حوادث تعذيب بُلغ عنها حصلت خلال مداهمات:  

  •  أفاد 3 موقوفين من أصل 10 أجرينا معهم مقابلات أنهم تعرّضوا للتعذيب خلال إحدى المداهمات. 

  • كشف أحد الموقوفين أنّه تعرّض للتعذيب النفسي والجسدي خلال مداهمة. 

  • وكذلك أفاد موقوف أنه تعرّض للتعذيب قبل توقيفه في تبنين حيث شهد على عنف وسوء معاملة موقوفين آخرين. 

 

 احراز تقدّم ملحوظ في مركز جهاز أمن الدولة- الرملة البيضاء 

خلال زيارة الأخصائيين/ات الاجتماعيين لمركز التوقيف في الرملة البيضاء، أُتيحت لهم/ن فرصة استكشاف المركز بما في ذلك الطابق السفلي. كما تفقّدوا غرفة الاستجواب التي كان قد جهّزها المركز اللبناني لحقوق الانسان وفقاً للمعايير العالمية. ومن الجدير ذكره أنّه لم يفيد أي من الموقوفين العشرة بتعرّض أي منهم للتعذيب أو سوء المعاملة في هذا المركز. إلاّ أن فريق العمل تنبه ان التهوية الداخلية غير ملائمة وغير كافية في مركز التوقيف.   

 

توقيف طويل الامد دون سند قانونية: 

 تمّ توقيف معظم الأفراد الـ15 من الذين أجرينا معهم مقابلات لمدة فاقت السنة الواحدة في مراكز التوقيف التابعة للأمن العام وجهاز أمن الدولة، الامر الذي يخالف أحكام قانون أصول المحاكمات  

 

قضايا التنظيم والاحتراف: 

في الأمن العام، التقى المندوبون والمندوبات بـ5 موقوفين حيث أكّد جميعهم على عدم تعرضهم لأي حادث تعذيب. لكن واجه المندوبون والمندوبات تحديات عديدة خلال هذه الزيارة. فعند الوصول إلى المركز، حاولوا التنسيق مع أحد المسؤولين إلاّ أنّه رفض الاستماع إلى تفسيراتهم حيال سبب زيارتهم، الأمر الذي أعاق الزيارة. وكذلك أفاد الاخصائيون الاجتماعيون عدم تعاون الضباط وسلوكهم غير المحترم مع أفراد آخرين ينتظرون في الصّف.  

ومن ناحية أخرى، لاحظ الاخصائيون الاجتماعيون مستوى تنظيم عالٍ خلال زيارتهم لمركز أمن الدولة في الرملة البيضاء. إذ كان كل من العناصر والموقوفون على علمٍ بالزيارة. وتم التعامل معهم باحترام والسماح لهم بزيارة غرفة التحقيق حيث تم إجراء مقابلة واحدة، وبعد ذلك واصلوا المقابلات في غرفة أخرى مخصصة لاستراحة العناصر، على الرغم من ملاحظة سوء التهوية الداخلية في الغرفة كما ذكرنا سابقاً. 

II- التوصيات.  

بناءً على النتائج التي توصلنا لها، نقترح التالي: 

  1. تنميط ظروف مراكز التوقيف: على السلطات متابعة العمل على وضع وتطبيق ظروف توقيف موحدة مع ضمان معاملة الموقوفين معاملة إنسانية ومتماشية مع اتفاقية مناهضة التعذيب والقانون 65/2017 وغيرها من الاتفاقيات والقوانين العالمية والمحلية.  

  2. التدريب والمساءلة: على عناصر الامن تلقي تدريبات مستمرة حول المعاملة الانسانية مع الموقوفين، مع التركيز على الوقاية من التعذيب. في موازاة ذلك، يجب وضع آليات مساءلة للتطرق إلى سوء المعاملة. حيث بدا جلياً الفرق في طريقة التعامل بين من هم مدربين وغيرهم من غير المدربين*. 

  3. تحسين أوضاع المراكز: يجب تحسين التهوية كما الأوضاع العامة في مراكز التوقيف لاستيفاء المعايير الدولية المتعلقة برفاه الموقوف بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر قواعد نيلسون مانديلا 

  4. الوصول إلى التمثيل القانوني: يجب أن يتمتّع الموقوف بحق التمثيل القانوني، كما أنّ لقاءاته مع المحامي يجب أن تجري في غرفة مغلقة للتأكيد على سرية اللقاء.   

  5. اعادة النظر في إجراءات المداهمات: يجب اعادة النظر في طريقة إجراء توقيف الأفراد أثناء المداهمات كي تتوافق مع المعايير العالمية ولتجنب وقوع حوادث تعذيب وسوء معاملة أو غيرها من الحوادث الجانبية. 

  6. السلوك المحترم والمهني: يجب تدريب عناصر الأمن على التواصل بشكل محترم ومهني مع أفراد يزورون مراكز التوقيف.  

  7. يجب نقل الموقوفين من مراكز التوقيف إلى السجون بعد انتهاء التحقيقات الأوّلية وفقاً للإجراءات القانونية المعتمدة.  

 

يستمر المركز اللبناني لحقوق الانسان بالتزامه بمهمة محاربة التعذيب وحماية حقوق الموقوفين والموقوفات جميعاً. كما يثابر المركز في بذل الجهود والتعاون مع السلطات المعنية بهدف تنفيذ هذه التوصيات وضمان معاملة الموقوفين معاملة إنسانية وفقاً للمعايير الدولية. كما ينوه المركز على التحسن المستمر الذي يشهده في عمل بعض العناصر والأقسام الأمنية، ويشدد انه على استعداد دائم لتقديم المساعدة التقنية والتدريبية الازمة، بما تتيحه الإمكانات المتوفرة. 

*عمل المركز اللبناني لحقوق الانسان على تدريب 19 محقق في المديرية العامة لأمن الدلة ولفترة امتدت الى 6 أشهر، من خلالها تدرب العناصر على كيفية القيام بمقابلات وتحقيقات خالية من العنف