بيان حول اللبنانيين المخفيين قسراً في سوريا  

  

انتهك نظام الأسد حقوق الإنسان في سوريا منذ بداية حكمه في عام١٩٧١، وفي لبنان إجرامه أواسط السبعينات. ومن أبرز وجوه هذا الإجرام كانت قضية الإخفاء القسري أو الذين كانوا يُعرفون سابقاً بالمخطوفين. منذ أوائل التسعينات، وثّق المركز اللبناني لحقوق الإنسان الكثير من حالات الإخفاء القسري لأشخاص من مختلف الجنسيات اللبنانية والسورية والفلسطينية وحتّى بعض الجنسيات الأخرى، العربية والأجنبية، الذين خطفوا في لبنان، واقتيدوا إلى سوريا. 

ورغم نفي النظام السوري المستمر لوجود معتقلين أو أسرى أو مخفيين قسرا في سجونه، إلا أنه في عامي 1998 و2000 شهدنا خروج أكثر من مئتي لبناني من هذه السجون. وبعدها وعلى فترات متباعدة، تمّ إطلاق سراح الكثير من الأسرى دون تقديم أي تفسير أو معلومات عنهم.  

منذ أوائل التسعينات، دأب المركز اللبناني لحقوق الإنسان على المطالبة بعودة اللبنانيين المخفيين قسراً في سوريا. ويأتي ذلك رغم استمرار تقاعس الدولة اللبنانية عن الاعتراف بوجودهم والعمل على إعادتهم. وطالب المركز الحكومة اللبنانية والهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً، التي أُنشئت منذ أربع سنوات، بالتحرك الفوري والجاد لحل هذا الملف. لكن حتّى الآن، لم نصل إلى أي نتيجة. 

في ظل الأوضاع الراهنة في سوريا، يشدّد المركز اللبناني لحقوق الإنسان على ضرورة معالجة ملف الإخفاء القسري بشكل عاجل، ويطالب بما يلي: 

أولاً، بمباشرة الحكومة اللبنانية الفورية بفتح غرفة طوارئ في السفارة اللبنانية في الشام لتراقب وتلاحق وضع جميع السجون السورية التي يطلق منها سراح المحتجزين وتتواصل مع السلطات الجديدة من اجل الحصول على قوائم بأسماء اللبنانيين المخفيين قسرا في سوريا أو أي لبناني تم توقيفه او إدخاله إلى النظام الأمني السوري السابق.  

ثانياً، على الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً التوجه فوراً إلى السلطات السورية أو التوجه شخصيا إلى سوريا للتواصل مع السلطات الجديدة بهدف وضع آلية عمل من أجل تحديد هوية المخفيين الذين ما زالوا على قيد الحياة والذين خرجوا من السجن. وطلب الوصول إلى أرشيف وملفات المخابرات والأجهزة الأمنية السورية لتقصي مصير مئات اللبنانيين المخفيين قسرا في السجون السورية.  

ثالثاً، على الصليب الاحمر الدوليّ، عبر مكتبه في سوريا، التواصل مع السلطات السورية الجديدة وتقديم خبرته في مجال الإخفاء القسري، خاصةً وأنّه يمتلك قاعدة البيانات الأكبر للمخفيين قسراً. وأن يسلم الأسماء التي بحوزته لأشخاص قد يكونوا في سوريا، ووضع آلية للتأكد من هوية الأشخاص الموجودين هناك. 

 

 أخيراً، يدعو المركز اللبناني لحقوق الإنسان السلطات السورية الجديدة إلى فتح صفحة جديدة والتعامل بشفافية ومسؤولية مع قضية الإخفاء القسري. إذ أن هذه القضية الإنسانية طالت لبنان وسوريا على حدٍّ سواء وتستدعي التعاون من أجل الكشف عن مصير المخفيين قسراً. ونحن في المركز اللبناني لحقوق الإنسان مستعدون مع باقي الشركاء في جمعيات حقوق الإنسان السورية واللبنانية التي لديها خبرة في قضايا الإخفاء القسري وتوثيق الانتهاكات، على أتمّ الاستعداد للمساعدة على وضع آلية جدية لتوثيق أسماء الذين يخرجون من السجون والمحافظة على ملفات وأرشيف السجون. وبذلك هوية المحتجزين الذين لم يحرروا بعد، وأولئك الذين للأسف قضوا تحت التعذيب. ونمتلك الخبرة في قضايا الإخفاء القسري وتوثيق الانتهاكات، ونضعها في خدمة هذه القضية الإنسانية.