: ولادة "سوليدا":
في ظل قضايا الاختفاء القسري المتعددة التي شهدها العام 1993، تواصل الناشطان في مجال حقوق الإنسان، وديع الأسمر وماري دونيه، من مقرّهما في فرنسا مع عدد من المنظمات في لبنان من أجل دراسة أبعاد الدعوة إلى مكافحة الاختفاء القسري ومتابعة البحث والتوثيق لغرض الضغط من أجل العثور على الأشخاص المخفيين قسرًا ولم شمل العائلات بعد الحرب الأهلية في لبنان. تبيّن للفريق أن لجانًا متعددة كنت تعمل جاهدة في سبيل هذه القضية، ومن بينها: مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب، ولجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان، وجمعية سوليد (لدعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين) ولجنة أهالي المعتقلين في السجون السورية. لذا، قرر الفريق التعمّق في الأبحاث المتعلقة بالملاحقة القضائية والاختفاء القسري والتعذيب من أجل توسيع شبكة الدعوة بهدف حظر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
نُفِّذت اعتقالات متعددة في لبنان وعمل الفريق في غضون ذلك على توثيق حالات الاختفاء القسري والتعذيب بهدف إعداد تقرير في وقت لاحق. وكان الفريق في ذلك الوقت يدعو بشكل أساسي إلى إنشاء شبكات مع المجتمع الدولي ويضغط من أجل تقفي أثر الأشخاص المخفيين قسرًا.
تأسيس "سوليدا":
أسس الفريق منظمة "سوليدا" التي تعمل على توثيق حالات الاختفاء القسري والتعذيب وإعداد التقارير بشأنها. وفي السنة عينها، نشرت منظمة "سوليدا" تقريرها الأول عن التعذيب الذي أثبت صحة مزاعم التعذيب في وزارة الدفاع. وتضمن التقرير صورًا لأساليب التعذيب المعتمدة في مراكز الاحتجاز اللبنانية وسلّط الضوء على الدور البارز الذي لعبته "سوليدا" في إدانة هذه الممارسات المهينة.
أخذت منظمة "سوليدا" عائلات المخفيين قسرًا إلى أوروبا، حيث أُثبت للمرة الأولى وجود مخفيين قسرًا في سوريا. وفي آذار/مارس 1998، أُفرج عن 121 شخصًا من السجون السورية نتيجة الضغط الدولي والمناصرة المستمرة.
بين العاميْن 1997 و2005، عملت منظمة "سوليدا" على ملفات وتقارير متعددة حول الاعتقالات وحالات الاختفاء القسري وعقوبات الإعدام والمخاوف الإنسانية والقانونية في لبنان. وسلّطت هذه التقارير الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان بمعزل عن أي انتماءات أو سياقات سياسية. وبعد انسحاب الجيش السوري من لبنان، قرر فريق "سوليدا" الانتقال إلى لبنان وإنشاء المركز اللبناني لحقوق الإنسان (CLDH).
ولادة برنامج "نسيم" لإعادة التأهيل والمركز اللبناني لحقوق الإنسان: بين العاميْن 1997 و2007، أفرجت السلطات السورية عن عدد كبير من المخفيين قسرًا. تعرّض الكثير من هؤلاء للتعذيب في أثناء الاعتقال وتواصلوا مع "سوليدا" للحصول على الدعم الاجتماعي، نظرًا إلى تاريخ المنظمة في مجال دعم ضحايا الاختفاء القسري والتعذيب ومناصرتهم.
زار فريق "سوليدا" لبنان بعد الإفراج عن حوالى 50 شخصًا جديدًا من ضحايا الاختفاء القسري في سوريا من أجل التواصل مباشرة مع الضحايا. وشكّل ذلك مصدر وحي لتأسيس مركز إعادة تأهيل لضحايا التعذيب. أطلقت المنظمة مذكرة مفاهيمية لمركز إعادة التأهيل في العام 2002، من أجل تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي لضحايا التعذيب. وفي العام 2007، أُنشئ المركز تحت اسم "نسيم" وتغير اسم "سوليدا" ليصبح "المركز اللبناني لحقوق الإنسان".
برنامج المساعدة القانونية: أطلق المركز اللبناني لحقوق الإنسان برنامجه القانوني من أجل توفير التمثيل القانوني للمعتقلين المستضعفين. وازداد تدريجيًا عدد المسجونين الذين تساعدهم المنظمة من بضع عشرات سنويًا في بداية المشروع إلى 669 معتقلًا في العام 2019 (بعضهم يواجه إجراءات قانونية جارية).